الأربعاء، أبريل ٢٦، ٢٠٠٦

Te voglio bene assai


فقط أريدكِ بخير، أتعرفين؟
-------
لا أصدق الأقوال المأثورة أبدا ً، أراها جميعا ً فزلكة لا داع ٍ لها، أو مبالغات ٌ بقصد جذب الانتباه إلى براعة المتحدث بها في إيجاد ملاحظة جديدة عن العالم قد يعتنقها نصف المنصتين ساعتها ثم ينتشرون في العالم مبشرين بها، فقط أقول هذا لأنني سمعت أن هناك من قال أن هناك قسمين من نساء، الأنثى الإيطالية .. و باقي نساء العالم، و أنا كواحد ٍ من غير المصدقين لأي شيء، لم أصدق.

أرجو عدم استباق الأحداث و استنتاج أنني بانتهاء تلك الكلمات سأعلن أنني صدقت صحة تلك المقولة أخيرا ً.
----------
هي تدع لك المجال دائما ً لتشعر أنك مميزا ً عن الآخرين، تظن أنت أن هذا من نسج خيالاتك المريضة التي لا تشبع من جوع ٍ و لا تبرأ من نهم، و لكنها بغير قصد، تعطيك كل ما سيزيد تهورك في المضي قدما ً، و عندما تظن أنت أنك وصلت ستجدها تلوح لك من صالة المغادرة في أول مطار يقابلها، ليس لأنك الأحمق الوحيد في هذا العالم، و لكن لأنه الوقت .. هذا هو كل شيء، يحين الوقت دوما ً حينما لا ترغب له أن يحين.

لن تستطيع أن تدعي الحزن أو الافتقاد الشديد، و لكنك لن تستطيع تجاهل تلك الغصة، و لن تستطيع صرف ذكرى تلك الأشياء البسيطة عن عقلك، كيف التقطت لك كل هذا الكم من الصور في تلك الحفلة دون أن تشعر، كيف أنها على استحياء طلبت بريدك الألكتروني، ثم كيف أهدتك (CD) بكل صور الحفلة لتجد أنك تحتل معظمها، أتحدث عن كيف أنها تعطيك ما يدفىء قليلا ً في ثلاجة الموتى المظلمة التي تحيا بها، ربما لأنها إيطالية فإنها صاخبة في كل أفعالها، صاخبة ٌ حين تتكلم أو تضحك أو تبكي أو تهمس ُ، صاخبة ٌ حتى حينما تعطي بلا قصد لدرجة أنك لا تقدر على التجاهل أو الرفض، صاخبة ٌ حتى حينما تصمت .. أو تشرد ُ مستمعة إلى أغنية إيطالية تفوح بالحزن .. في صخب.

لن أستطيع أن أدعي الحزن أو الافتقاد الشديد، و لكني لا أستطيع تجاهل حقيقة أنها استطاعت أن تخلق بيننا علاقة ـ ما ـ لا يمكن تجاهلها في فترة مستحيلة القصر، شيئاً كأنه حبا ً مكتوما ً مؤقتاً، أو كأنها علاقة خفية بين عاشقين، ربما هي اجمل ُ ارتباك ٌ صادفته ُ ، ربما هي كذلك بلا افتعال لأي شيء، ربما هي طبيعتها .. لا أعرف، و لا أعرف لماذا حقا ً أقول كل هذا ـ أشعر ُ أنني لم أقل شيئا ً أساسا ً ـ و لكن ربما لأنني سمعت ُ يوما ً من يقول أن هناك قسمين من النساء، الأنثى الإيطالية .. و باقي نساء العالم.

و أخيرا ً ..
Te voglio bene assai

الاثنين، أبريل ١٠، ٢٠٠٦

عن الحنين .. أو إليه


بعض الناس يخافون ما لا يفهمونه، و بعض الناس لا يكترثون لما لا يفهمونه، وبعضهم يعشقُ ما لا يفهمه، ربما أنا من هذا البعض.
---------
يقتادني فضولي إلى فخ ٍ أنصبه لنفسي بلا أدنى وعي، يجرني عدم فهمي إلى نصب خيمة الغموض و السماح لكِ بالراحة بها و أبقى أنا أدور حول نفسي خارج الخيمة غير قادرٍ على هدمها و لا الدخول .. و لا الرحيل.
--------
من هذا المقر ّ، هذا المقهى، و تلك الضوضاء. تُعلن مروة من تليفزيون المقهى أن: الصراحة راحة و أنه لا يعرف ـ ما الذي لا يعرفه تحديدا ً؟ ـ بينما يهزأ عمرو دياب من خلال كاسيت محل الأحذية المقابل قائلا: و إيه يعني تودعني و تهجرني و تنساني.

بينما يدوي في أذني لحنا فرنسيا ً ما ـ و أنا لا أفقه حرفا ً من اللغة الفرنسية يا (لُمى) ـ و لكنني أحب ُّ تلك الأغنية فلا تحاكميني لإعجابي بالأغنية. يملأ رأسي ذلك اللحن الفرنسي، و صوتكِ .

و لكن كيف يا (لُمى) يكون الصوت غجرياً، متمردا ً ، لا منتمياً لأرض ٍ ما؟ كيف و بيننا كلُّ تلك المسافة أستطيع ُ أن أراكي، كيف يا (لُمى) يجسدُ صوتٌ ما رائحة العنب و التبغ و الوحدة؟ و كيف إن غابت صورتكِ رأيتكِ، و كيف إن بدت صورتك ِ غبتي عن عقلي و لا أعود أرى أي شيء و لا حتى الصورة؟ أهكذا تصاغ ُ الألغاز ُ يا (لُمى)؟
--------
يبتسم ُ الإنسان ُ عندما يفرح ُ أو يسخر ُ أو يجامل ُ أو يُحيّي أو يموت ـ إن كان شديد الرضا عن نفسه قد يبتسم و هو يموت ـ و لكن لـ(لُمى) ابتسامة لا تستطيع الإمساك ُ بها، إن دققت النظر قد لا تراها، تذوب ملامح الصورة على عينيك و تذوب أنت و تملأ الصورة إلى أن تفيض من إطارها، ولا يتبق لعينيك سوى الأبيض و الأسود، لونا الصورة، الأبيض و الأسود، و ابتسامةٌ لا تعرف ُ إن كانت على شفتيك أو شفتي (لُمى).
--------
صارت تلك الأغنية منذ ذلك اليوم تعني لي أكثرُ من مجرد أغنية، هي رغبة ٌ في الحياة يا (لُمى) ، رغبة تلازم المرء كلعنة ٍ، هي الحنين يا (لُمى)، و الحنين هو الأسخف بين المشاعر ُ الإنسانية، هو السقوط في بئر ٍ عميقة ٍ لا يسمع أحد ٌ صراخكِ منه، و إلى جواركِ يتدلى حبلٌ هش، لا تستطيعين التعلق به و لا تستطيعين تجاهله، الحنين هو أول علامات التورط التام يا (لُمى). حنين ٌ ربما لا ترويه حتى الأمطار الآتية من بلاد ٍ لا تُمطر ُ بها أبداً.