الثلاثاء، مارس ٢١، ٢٠٠٦

سرد وقائع يومٍ غير معلن

عادةً يكون استقبال الصباحات العادية شيئاً مملاً ، مباغتاً ، تتمني أن تظل مستلقياً علي ظهرك هكذا لفتراتٍ أطول ، ولكن استقبالها للصباح عادةً يكون مختلفاً ، يكون بابتسامة ، تتمطي في دلالٍ يُغري النهار لمعاودة البزوغ حتي يراها مرةً أخري وهي تتمطي ، عيناها مليئتان بالكسل اللذيذ ، تدريجياً يعلو غناء أعضائها حتي يسمع الكون ، يعلو غناءها حتي تسكر الأسمالك في أعماق المحيطات منتشية ، تتمني الخلاص من شباكها لكنها لا تعود إلي مائها الهاديء ، تنهض في صخب ، تنهض كانها ولدت الآن ، لتردد مع الآلاف أغنيةً لجسد وأنشودةً لقلبٍ وحيد ، تنهض لتفتح جميع النوافذ ، فيدخل النور إلي عينيها ويلقي ظلاً جميلاً علي الأرض ، يعبر النور خلال مسام جلدها ليتعلم كيف يكون النور نوراً بحق
----------------
تخطو بخطواتٍ متكاسلةٍ إلي حيث تأخذ حماماً صباحياً ، ملابس النوم تنزلق من علي جسدها في عدم رضا ، تود لو تظل ملتصقةً به ، آخر قطعة ملابس تخرج منزلقةً من أعلي إلي أن تصل لحافة أصابع قدمها الصغيرة ، تود التشبث لكنها ترغمها علي الخروج المثير ، المرأة تحت قطرات الماء المنسابة عالمٌ آخر عالمٌ مثير يحتاج لسنواتٍ من إعادة الاكتشاف لتفقد جميع أسراره ، المرأة تحت الماء هي تعبيرٌ موجزٌ عن وحشية الرغبات وعبادة الشهوة ، المرأة المبتلة بقطراتٍ لؤلؤية كونٌ مستقل لا تملك أمامه إلا الخضوع لسلطان البدائية وتبجيل الغريزة الهمجية الأولي
----------------
إن سدّ الكون أذنيه فلن تهتم ، سيظل البيانو العالق بأصابعها يعزف ألحان الحياة ، حتي لو اصطبغت النغمات برنة الخوف ، فهل تخاف الملكات؟ ، هل يخاف اللؤلؤ المكنون بقلب المحارات؟ ، هلتخاف من علمت البيانو كيف يرتجل أنغام الصمود ، تفرّ دمعةٌ هاربةٌ من مقلةٍ خائفة ، فتسقط بدويٍّ ككقنبلةٍ انفجرت إلي شظايا ، الشظايا تتحول لملائكةٍ تحمل أقواس قزح وترتل ترنايماً كنائسية ثم تصمت بعد حين ، كيف تخاف من علمت السكون كيف يرقص رقصاتٍ هستيرية؟؟ ، ماذا ستقول عنها الأساطير فيما بعد؟ ، تركت جنوناً ودموعاً كثيرة ثم رحلت في غيابها الأبيض؟
----------------
العمل ظهراً ، وتوزيع الابتسامات علي الأصدقاء وزملاء العمل ، نوعٌ من توزيع النهارات الصغيرة علي قطعٍ ليلية في أشد الحاجة للإضاءة ، تستعين بخفتها علي مشاغل العالم فتخضعه لطرف أناملها كخادمٍ يستكين راضياً برضاها عنه وينسحب منحنياً أمام مليكته المتوجة بحكم الفراشات
----------------
حين عودتها من العمل تكتشف أنك ما زلت بعملك ، ترجوك في خاطرها أن تأتي الآن ، ترقص في حجرتها وحيدة ، أصابعها الدقيقة تعتلي حوائط الوحدة ، تود لو تخمش وجه الهواء بأظافرها وتدميه تاركةً آثار قدميها علي الأرض الطينية اللزجة بلزوجة الجسد المعرّي ، تستجيب لنداءاتٍ بعيدة كأنها صدي صوت آلهةٍ قديمة ، يكّون الهواؤ حولها غلافاً رقيقاً من الدقات المتتالية لطبولٍ غير مسموعة ، ترقص إلي أن تدور مع دوران الكرة الأرضية ، فتغوص في مركز الأرض ، كأنها تتغلب بالرقص علي مخاوفها وتبتلعها الجزيئات ، تتخيل حين تتمرغ علي صدرك الوحشيّ ، تتخيل حين تبتلع رائحتك ، حين تحبل برائحتك ، لتضمها كثيرا وتلفظها كثيرا ، تجلس منهكةً ثم تقوم لإعداد بعض الطعام الخفيف
---------------
تفاجأ بهاتفك ، تخبرها أن تأتي إليك لتقضيا وقتا بالخارج ، تسير جوارك ، تحتضن ذراعيك ، تتشبث بأصابعك ، تفلت ، تجري ، تلقي نكاتاً وتضحك ، تحجل أمامك ، تأتي من خلفك فتمسكها جيداً لأنك تشعر لو أنك تركتها الان ستنبت لها أجنحةً وتطير ، فجأة تتوقف ، تنظر لك وتخبرك كم هي خائفة من شيءٍ ما لا تدرك كنهه
--------------
تعود في المساء تراقب انهماكك في عملٍ ما تصنع قهوتك علي نار جسدها الملتهبة فقط لتراك مبتسماً ، تعرف متي ينقض صيادو العالم علي شبكتها ، فتتألم ، لكنها تسرع بالاختباء في صدرك ، تعرف أنك من سيشيد حولها الأسوار ضد كل من يريد غرزها في الرمل ، تعرف أنها قوية بما يكفي لأن تعلن للدنيا حريتها ، وأنها ضعيفة بما يكفي لأن تختبيء في صدرك ، لن تشكو إليك جموحها فقط تود لو تحكي لك قصتها بلسانها ، لا ما تحكيه عنها الأشياء وما ترويه الأساطير
--------------
ستجلس ليلاً لكي تكتب ، تحتمي بأشيائك ، تجلس علي مقعدك الوثير ، تحتسي من فنجان قهوتك ، ترتدي قميصك ، تضع عويناتك ، تدخن من علبة تبغك ، تكافئك بنظرةٍ ممتنة حين تأتي إليها بكأس النبيذ الذي يدفئها ، وحين تراك غاضباً مثلها ، وتهشم الأشياء بعصبيتك الزائدة مثلها ، فتعود معك إلي عصور الهمجية ، ترقص حول النار صارخةً كأنها لم تتعلم الكلمات ترجوك أن تلقيها لكلاب الطريق الضالة تنهش روحها ليتبقي لك جسداً تلوكه ، تفرح برفضك ، تتحول تدريجياً لتمثالٍ وسط الغرفة تدور حولها الأفلاك في السماوات ، تطفيء بأناملها ذؤابة الشمع لتبقي عينيها فقط مضيئة ، فتتراقص الظلال ، تشف من حولها الأشياؤ كبلورٍ فوق أرضٍ رخامية ، وتبرق الأهلة ، كيف تعملت أن تطير هكذا ثم تقع في المحارة؟ لتظل لؤلؤةً في تيجان الممالك
--------------
في الليل تغيب أجنحتها ، فتدرك أنه لا سبيل للخروج من دوامة الجزيئات ، ترنو إليها أصابعك حالمةً بالصعود إلي التلال المرمية ، تتبعثر قصتها علي الأوراق ، تتكلمان كثيراً لكنها في النهاية لا تحكي قصتها ، فقط تنظر في عينيها لتعرف أنها سيدة عالمك وأنها بحق أسطورتك الوحيدة

الاثنين، مارس ١٣، ٢٠٠٦

الاشتهاء ثمرة


فقط أراد بيسو أن يسهم في معبدها بصلاة جديدة .. نورت يا بيسو.


عن بيسو أنه قال:

الاشتهاء ثمرة

كي تثير مكامن شهوته يكفي أن تحرمه منها قليلاً.
يجب أن أكون حاضراً في كل وقت لكن كأخ محرم عليها، و يجب أن ابتعد في اللحظة المناسبة كي لا أضيق عليه، الأمر كأم طيبة تسهر على راحة طفلها بينما تحيك بهدوء. و في كل الأحوال فالقاعدة التي تصلح للأبد لثنائي عاطفي ناجح هي (( قليل من المحرمات.. كثير من اللعب )).


أن نشير للشهوة ثم نتركها، مثل أهل بلد لطفاء، يدلونك على طريق البحيرة دون أن يصروا على اصطحابك.

-------------------------------------------

في جلال سلطان الخيال

اللعبة الأعظم.


يغيب الآخرين، و يغيب حضور المعشوق الجسدي، و تجلس أنت في فراشك، مستثاراً، تركب الصور الأكتاف و الأرداف و النهود تستحضر المواقف و المناظر، لكن كل هذا يختلط دون أي تميز، و تجد الخيال عاجزاً عن إكمال جسد واحد لتسليتك. فتلجأ للذاكرة تستحضر تلك اللحظات التي جمعتك بها، تفكر في أدائك و أداء الأخر، يلهو الخيال بك و يوحى إليك بألعاب أكثر للمرة القادمة.


تتخيل.. ألعاب جديدة للمرة القادمة و ترسم المشهد و تركب الصور، تزداد استثارتك و تتمنى حضوره يتعجلك الخيال، لكنك من الإرهاق تنام دون أن تشعر، الأمر إلى حد ما على غرار طفل ينتظر أمه تأتى له بالشيكولاته لكنه خياله يرهقه فيغفو.

الأربعاء، مارس ٠٨، ٢٠٠٦

Anne Sophie




(آن سوفي) أجملُ إنسان أمسك بالـ(كمان) في العالم، هكذا أعتقد.
(الكمان) آلة شديدة الجمال لكنها لا تساوي شيئا ً وحدها. لا بد من عازف شديد الجمال، و لكن ماذا لو قلنا آلة شديدة الجمال في يدي عازفة هي من أمهر من أمسك بالكمان و من أجملهم في نفس الوقت؟ ماذا عن الكمان بين يدي (آن سوفي)؟
كيف تكف ُ (آن سوفي) عن كونها آدمية ُ و تتحول إلى ملاك في صحبة الكمان؟
هل أراها أنا ملفتة للنظر بسبب ما تستطيع فعله بالكمان؟ أم أنها فعلا ً جميلة؟
(آن سوفي) .. من أين يأتي كل هذا الكبرياء و الرقة و القوة و الثورة و الدفء؟
(آن سوفي) سأحاول ألا أشغل بالي بكل هذا السحر و أستمع .. فقط أستمع.